الأحد، 29 أغسطس 2010

ذبــول ..




حسنا ،،
أطرافي تتحول بالتدريج إلى اللون البني الذي وحدي أميزه برغم أن بشرتي سمراء ،، شيء ما في داخلي يتوهج حد الاحتراق ثم يخبو فجأة ،، يطفئني كلي .. يطفئ كل طاقة الحياة بداخلي ..

العالم في الخارج مليء بالصلوات ،، أصوات الصلاة الجهرية تنفذ من عدة مآذن حولي إلى أذني .. أذني فقط ! لا أكاد أميز الآيات المقروة من شدة تداخل الصوت ،، ببعضه ،، و بأصوات أخرى داخلي ... كنت لأفعل ذلك بيسر في يوم آخر / حالة أخرى ،، بل أفرح و أنتشي بقدرتي على اقتناص رزقي من كلام الله في وسط الزحام ... و لكنني لست هكذا اليوم ،، في الحقيقة منذ عدة أيام ... الإعياء يأكل سكينتي بلا تسمية ،، و لا ذبحٍ حلال !

لم أحب أبدا أن أكتب هنا سوى تفاصيل ملهمة و ملامح مشرقة فيّ و في الشهر الكريم و حكاياه معي ،، لكن شيئا ما بداخلي أصر على أن الصدق وحده ينفذ للداخل .. لأبعد مما تفعل الكلمات المنمقة .. لا بأس ،، يمكنني أن أخبو .. أن أستغرب كيف أن أحدهم نزع القابس عن هالة النور فجأة و بلا سبب ،، أن أعود لأبحث عن مصدر جديد للطاقة اللازمة لبقاء هالة النور في المحيط ... يمكننا أن نبحث سويا ،، و نتدارك الأيام المتفلتة منا كدموع حنق .. رمضان ،، الذي كنت أتحدث عن بداية بشائره منذ قليل .. يوشك أن يهبط بعشره الأواخر ،، استعدادا منه لخاتمة تليق ..

أقف على الأرض بكامل سطح قدمي،، ألمسها بكعبي ... أنتظر في الغد مسافة جديدة تنمو بيني و بين الأديم الخشن ،، كي أبتعد ،، نحو طيب ينتثر على أجنحتي .. يبث فيها قليلا من الحياة

فأعود للطيران نحو النور بسلام ....

السبت، 21 أغسطس 2010

طيبــون ,, طيبـــات ...




يارب ..

أريد أن أحادثك عن البنات – و أنت أعلم بهن مني - ... عن الفتيات الصغيرات ،، كلهن صغيرات يارب حتى من تجاوزت منهن الخمسين ! .. هذه المخلوقات الهشة التي خلقتها و تعلم كم تحتاج إلى العناية لتبقى نضرة ،، تحتاج لقماشة حضن عريضة تتسع بمقدار الهم و الحلم متى حل كل منهما فوق صدرها و آلمها حد البكاء ،، تحتاج لذات القماشة حين يمكن طويها لتصبح شالا خفيفا يستر بلا اختناق ... أنت خلقتهن من ضلع آدم يارب ،، و آدم يخبئ ضلعه بتعنت و يتخفى في الزحام ! فأين السكن ؟! و لا سكن سوى في كنفك ...

كلهن يارب يشتكين من قلة العناية بهن .. كلهن يستغربن كيف أن الأمان يُخرج من دواخلهن طاقات النور و الإشراق و الرغبة في جمع الدنيا بحذافيرها بين يدي فلان ،، في حين أنه يخرج ممن حولهن الغلظة ، يأمن لوجودهن أحد ما فيغرق فجأة في الغلظة ! ... يحببهن السعادة ،، يحببن منحها .. لا أحد يفهم ذلك يا رب ، لا أحد يفهم تفاصيلهن ليأولها بتأويلها الصحيح ،، و أنت أخبرتنا أن نسألك حتى الملح في الطعام .. نسألك التفهم و العناية ... نسألك أن نكون بخيــر ...

لكل واحدة منا ليلة قضتها باكية دون أن يعلم عن أمرها أحد ،، أنت وحدك ترقب الوسائد المبتلة بدموع ضعف ... ترقبنا بعينك التي لا تنام و تجبر انكسار الروح بفرحة مخبأة فيما لا نعلم ..

كلنا صغيرات يارب ..

كلنا ننتظر الهدايا لنفرح ..

امنحنا هدايا ملونة بقدر كرمك ....


الأربعاء، 18 أغسطس 2010

المرة الأولى ...


إنها المرة الأولى ..

المرة الأولى التي أضطر بها للإفطار في نهار رمضان برغم أن الأمر متاح لي من الأطباء ،، من رحمة الله فوق ذلك بالتأكيد .. و لكنها المرة الأولى التي أدع فيها الفرصة سانحة أمام " القطة السودة " لتأكل مصاريني :) .. في الحقيقة هذه القطة غير المحبوبة كانت طيبة جدا معي ، و تركتني أتناول ما يساعدني على التوقف عن البكاء و لم تأخذ مني أي شيء ،، في الحقيقة تخيلتها تستلقي إلى جانبي في السرير و برأسها الذي يشبه كرة من الفراء تستند إلي كتفي و تنام ...



شيء ما في داخلي يضايقني و يخبرني بأنه لم يكن هناك من داع للإفطار فأنا لم أتحسن كثيرا ! أحاول مقاومته بتذكر رحمات الله التي تقتنص الجميع بلا أي حساب ... أتذكر الحديث الذي يخبرنا بأن قيامنا من جلسة ذكر يتبعه إقرار سماوي بــ " أن قوموا مغفورا لكم .. " و عندما سأل الناس عن الذي أتى هذا المجلس بغرض مصلحة ما ، أخبرهم النبي بأن المغفرة و الرحمة تطال الجميع ، حتى الذي لم يقصدها ،، صلى الله عليه و سلم ...

لهذا أحب كثيرا الدعاء في جماعة ،، قد يستجاب الدعاء بقلب أصدق من قلبي يتهجد بالدعوة في بقعة ما حولي ... أحب تلك الدعوة .. " ربنا هب المسيئين منا للمحسنين ... " ، أطمئن لأن أعترف بأنني أحب الصالحين و لست منهم ،، و لأن أدعو بأن يشفع لي حبي لهم ،، أتذكر بأن المرء يُحشر يوم القيامة مع من أحب … و أتعجب كيف أن الحب يغير كل شيء ،، حتى تفاصيل الخاتمة و المصير…

برغم أنني لست صائمة اليوم ،، و لكنني أستطيع أن أبتسم عندما أتذكر فقط أنني في هذه اللحظة ،، أجلس في عالم مغلـّـقة فيه أبواب النيران …

حتى عني ..

الأحد، 15 أغسطس 2010

** تحجبني عنك الستائر ..




هكذا ،، في هذا القيظ المربك .. أتمدد على السرير إثر انخفاض معتاد في الضغط ..

أمامي ثغر زرعه أحد ما في الحائط ،ثغر زجاجي أزحت عنه الشيش و تركته يحادثني عن الزحام في الشارع ،، و القاهرة من الطابق الثاني عشر .. القلعة البعيــدة و البيوت المتراصة كشجيرات مزروعة على مدى البصر تتلاشى كلما امتدت المسافات ، لا تبدو لي كشجيرات خضراء ... تبدو فقط كخلفية مبهرة لإظهار مساحة لونية زرقاء هائلة ، صافية تماما بلا نقطة سحابية واحدة ...

الإضاءة الصباحية ملهمة و لكن قدرة المروحة على مقاومة كل هذه الحرارة مثيرة للشفقة ! أشفق عليها و على نفسي و أنا أتلقى هذه الكمية من الهواء الساخن ... قررت أن أحجب بعض الضوء بالستائر الخفيفة و أترك الثقيلة مزاحة ... الستائر الخفيفة هنا بيضاء و الضوء ينفذ منها كهمس في الأذن ،، يكمل الحكايات عما يحدث خارج الغرفة و السرير ، إنما بوتيرة أكثر هدوءا ...

أمضي بعض الوقت في مراقبة الستائر البيضاء ،، تطير مع الهواء .. هفة تلو الأخرى .. وأفكر في فرحة الصائمين بنفحات هذا الشهر ،، هفة تلو الأخرى .. بركة فرزق ، دعوة مجابة ففرَج ، صحبة ففرْح ..
أشعر بأن قماش الستائر على وشك أن ينسدل على وجهي كلما اقتربَت ،، فأبتسم بطفولة ..

أتمنى لو تفعل ذلك مع كل السائرين بالخارج ،، تهبط عليهم بخفة ،، تمسح عنهم أثر إنهاك الصيام
و تروح ..



** عنوان ديوان لسمر الأشقــر

الخميس، 12 أغسطس 2010

طقـــوس ..




آآه من حلاوة الموسيقى الهادئة في مثل هذا التوقيت ..

أطفئ النور لأتمعن في همسها أكثر ،، بعيدا عن الزحام ... التلفاز مزدحم جدا و كل من يعرفني يعرف كم أكره الزحام .. أحاول بعيدا عنه أن ألتزم بطقوسي اليومية التي نذرتها لنفسي ..

طقس للتأمل ،، أراقب حشرة صغيرة لا يمكنك لحظها في أثناء خطواتك المتسارعة بين التلفاز و المطبخ ! ألاحظ كم هي خضراء و غضة .. لا أدري ما اسمها و لكنها تسكن الزروع و لا تظهر فوقها لأنها بنفس اللون وبطول ميللي واحد على الأكثر ... أشعر بأنني أود أن أربت فوق ظهرها و أخبرها ألا تخاف " الخلق مشغولون عنكِ بالكثير يا صغيرتي ،، لا تخافي .. " ، أتخيل فقط كم تشعر بالوحشة و هي تلمح أطراف أحذيتنا و لا تسعفها أقدامها التي يمكن قياسمها بالميكرو ! ،، لتهرب ... تذكرني بحالنا مع الأقدار الكثيرة التي نبدو أمامها محتجزين في ذات النسبة و التناسب .. ميللي و ميكرو أمام جسد بشري !! و لكننا ننفذ منها .. و نسير بل و نضحك و نبتسم ،، نفعل مثلما فعلت صغيرتي هذه ،، تذكرت فقط أن لها جناحين و طارت ...

طقس روحاني،، بمعرفة أسماء الله أكثر .. استمعت بالأمس لشرح اسم الله " الملك "و أنا أجلس فوق كرسيي الهزاز أمام البحر و في يدي نوتتي و قلم حبر ... بدأت أرسم أي شيء و كل شيء و أنا أستمع ،، كنت مستمتعة كثيرا و أبتسم بين فقرة و أخرى على أثر جملة ملهمة أو فكرة تمسني في العمق ،، و فوجئت بأختي و أبي يؤكدان لي بعد أن انتهيت أنني أنتجت لوحات مكتملة أعجبتهم كثيرا ... مازلت على رأيي بأنها خواطر حبرية لا أكثر ،،

و لكنها تبدو أيضاً بنكهة رمضان ..

الأربعاء، 11 أغسطس 2010

إســـدالي ...


قطني بلون الرمان ،، و مليء بورود صغيرة بلون القمح ..

أنا أمضي رمضاني هذا العام في الاسكندرية .. ملهم جدا أن تتقرب إلى الله إلى جانب أحلى ما خلق ،، يفرحني بقوة .. يضايقني شيء واحد هنا ،، خزانة الملابس تملأ ملابسي برائحة الرطوبة المقلقة .. الهواء غير متجدد بداخلها و ملابسي تبدو و كأنني غسلتها و نسيت تهويتها قبل وضعها فيها !

استعنت بورقة عطرية برائحة خشب الصندل ، كان إسدالي في مقدمة صف الملابس ،، وضعتها فوقه و استيقظت لأجد الخزانة لها رائحة غابة صغيرة .. و إسدالي يبدو كحقل رمان حقيقي يرحب بي في أول الطريق ،، ابتهجت .. وارتديته لأصلي ،، في أثناء الصلاة كنت أشعر و كأنني أجلس في ظل إسدالي و هو يحاوطني كضمة طويلة من بعد وحشة ..

سعيدة كثيرا أنني لم أفرط أبدا في هذا الإسدال ،، هو أول إسدال اشتريته لنفسي .. حتى أنني اشتريته في رمضان أيضا على ما أذكر .. كلما زارني أحد و قام باستخدامه كان يخبرني أن فيه شيء مريح ... يبدو و هو مكوم إلى جانبي هكذا بعد الصلاة ككومة من الصلوات التي تمنيت إجادتها ،، ربما لم أستطع .. و لكنه إلى جانبي هكذا يمنحني دليلا ماديا أنني لست سيئة جدا ،، و يذكرني بأشياء كثيرة مطمئنة ..

قبل أن تتزوج أختي ألحت في طلبه كي تأخذه معها بيتها الجديد لأنه مريح و تحبه ،، لم أوافق ... أخبرتها أنني سأشتري لها واحدا من نفس النوع متى استطعت ... لم أخبرها كيف يمكن أن تجعله مريحا أيضا لأنني لا أعرف .. كل ما أعرفه أنني أحب هذا الإسدال مثلها ...

خاصة بعد أن أصبح برائحة خشب الصندل ..